وزني زائد، هل ألوم جدّي؟
هل يستطيع العلم إخبارنا كيف نخسر الوزن حقاً؟ ولوحة فنية مميزة
مرحباً مجدّداً،
قبل البدء بموضوع اليوم أرغب بطرح سؤال وأتمنى أن تشاركني رأيك:
فَذلَكة الوزن
استمعت في الأسبوع الماضي لواحدة من أهم حلقات البودكاست التي سمعتها إلى الآن في رأيي، تناولت موضوع الوزن، الحمية والتمارين. وكلمحة عن هذا البودكاست، يقوم به عالم الأعصاب في جامعة ستانفورد “Andrew Huberman” وغالباً ما يستضيف أشخاصاً في مجالات مختلفة، من علم النفس إلى الفنون القتالية وعلوم التغذية والرياضة، يحاول تبسيط المفاهيم الطبية المعقّدة ويستعرض دراسات تتعلّق بالحياة العملية.
هذا رابط برنامج البودكاست على اليوتيوب وهذا رابط الموقع الخاص به.
بالعودة إلى الحلقة التي سمعتها، فإنّ مدة الحلقة حوالي ٤ ساعات يحاور فيها “Dr. Layne Norton“ من أكثر العلماء المتخصصين في مجال التغذية والرياضة.
قمت باختصار وفَذلَكة أهم النقاط. أنصح من لديه الوقت بالاستماع إليها!
الرياضية
يعدّ الأشخاص الذين يقومون بانقاص وزنهم ويحتفظون بهذا الوزن الجديد قليلي العدد (المزيد حول هذه النقطة لاحقاً) ولكن من يستطيعون الحفاظ على الوزن هم الأشخاص الذين يقومون بممارسة الرياضة بشكلٍ منتظم.
تظهر الدراسات المختلفة بحسب الدكتور لاين نورتن أنّ الرياضة وبشكلٍ منتظم (يوجد دائماً اختلافات فردية) تقلّل الرغبة في الأكل، ولربما تنقص الشهية. لهذا الأمر جانبان، الأول هو حرصك بعد التعب والتدريب على عدم إضاعة جهدك بقطعة شوكولا مليئة بالحريرات، الثاني هو على المستوى الجزيئي (لم يتم الكشف بعد عن أيّ سبب مباشر، لكن الدراسات التي تتبعّت الأشخاص الذين يقومون بجهدٍ أكبر من العادة أثبتت وجود رابط واضح بين الشهية وشدة الجهد)
أنت لست جائع!
قد تعتقد أننا نأكل لأننا جائعون بالضرورة، لكن للأسف هذا اعتقاد خاطئ! بل نأكل للكثير من الأسباب الأخرى، الأسباب الاجتماعية تأتي في مقدمتها. هل تستطيع تذكر آخر مرة ذهبت فيها مع أصدقائك ولم تأكل؟
نأكل لأسباب متعلقة بمكان وجودنا وما نقوم به، تذكّر آخر فلم شاهدته ولم تقم بتناول “النقارش” وشرب الكولا! نأكل بسبب الملل، التوتر وحتى قلة النوم!
وتحدّثت عن الأسباب الاجتماعية أولاً لأنها الأهم، كبشر، فإننا مبرمجين بشكلٍ عامٍ على العيش في مجتمعات، فإذا فكّرت بأسلافنا القدامى فإنّهم طالما عاشوا في مجتمعات. وبالتالي وجودك في بيئةٍ ما أو في موقفٍ اجتماعيٍ يحرّض على الأكل يدفعك (وبدون أن تشعر) إلى أن تأكل حتى لو لم تكن جائعاً.
لحظة الحقيقة!
يعتبر قياس الوزن أهم خطأ يمكن ارتكابه إذا لم يتم ارتكابه بالطريقة الصحيحة. بحسب الحمية التي تتبعها، سيتغير وزنك بطريقة معينة (حمية قليلة الحريرات، حمية الكيتو، حمية الصيام المتقطّع…ألخ) في الفترة الأولى، يؤثر هذا الأمر على الناحية النفسية عند رغبتك بانقاص وزنك، وعند الحديث عن الناحية النفسية فأقصد بها أيضاً التأثير الفيزيولوجي (على مستوى الجزيئات) في الدماغ، ويساهم لدى الكثير من الناس في التوقّف أو الاستمرار بالحمية بحسب الكمية التي فقدوها من الوزن.
دون إطالة، فإنّ الطريقة المثالية لقياس الوزن عند الرغبة في البدء برحلة الحياة الصحية (وليس البدء بالحمية وحسب) هي قياس الوزن كل يوم صباحاً وبعد الدخول إلى الحمام ودون الدخول في المزيد من التفاصيل لكن لتكون الأمور واضحة قم “بتلبية نداء الطبيعة / رقم ١ ورقم ٢” ولمدة أسبوع ومن ثم جمع هذه الأوزان من كل يوم وتقسيمها على ٧ لتحصل على المتوسط أو الوزن الابتدائي لك!
ومن ثم تقوم بقياس وزنك كل أسبوع في يومٍ معين (السبت مثلاً) ومقارنته بوزنك الابتدائي.
هل ألوم جدّي؟
بالعودة للحديث عن الأسلاف، تطوّرت طريقة حصولنا على الطعام والشراب كثيراً عبر الزمن، وأخذت تصبح أسرع وأسهل بكثير، تخيّل نفسك عندما ترغب في وجبة غذاء دسمة أنّه عليك الذهاب إلى البراري للصيد والبحث عن الطعام، وقد ترجع رغم مهارتك صفر اليدين!
لذلك يؤمن العلم اليوم أنّ الرغبة العجيبة في الحفاظ على الوزن التي يظهرها جسمنا قد تكون انعكاساً لهذه المرحلة، المرحلة التي عاشها أجدادنا من قلة الأكل وصعوبة الحصول عليه.
إذاً أي حمية هي الأفضل؟
سأقوم بالحمية الآن، سأفقد ٥، ١٠، ١٥ كيلو ومن ثم سأعود إلى حياتي “الطبيعية”!
كم مرة سمعت هذه المقولة، أو بصراحة أكثر، كم مرة قلت أنت بنفسك هذا الكلام!؟
يخسر كل ٦ أشخاص من أصل ٧ من ذوي الوزن الزائد عدداً جيداً من الكيلوغرامات في حياتهم، لكن المشكلة هي بعدم قدرتهم على الحفاظ على هذه الخسارة.
لكن لماذا؟
لأنّهم يفكرون بهذه الطريقة التي ذكرناها، فإذا قمت بحمية وخسرت الوزن المطلوب، ومن ثمّ عدت إلى عادتك القديمة في الأكل فإنّك بالطبع ستعود إلى وزنك القديم!
يمكنك القيام بأي حمية تشاء، طالما أنّها صحية، وتحقق ما ترغب به، لكن السؤال الذي يجب عليك أن تسأل نفسك إياه، هل أستطيع القيام بهذا الأمر لبقية حياتي؟
نُشرت العديد من الدراسات وخاصة هذه الدراسة من نوع “Meta-Analysis” والذي يعد من أقوى الدلائل البحثية، على المقارنة بين أنواع الحمية المختلفة وفائدتها في إنقاص الوزن وتخفيف عوامل الخطورة القلبية (العوامل التي تحفّز الإصابة بالأمراض القلبية والوعائية). وإليك النتيجة التي توصلت إليها:
تشير الأدلة ذات مستوى الموثوقية الجيد إلى أنّ أغلب أنواع الحميات على مدى أكثر من ٦ أشهر تؤدي إلى انخفاض متواضع في الوزن وتحسّن هائل في عوامل الخطورة القلبية وخاصة ضغط الدم. يختفي هذا التأثير بعد ١٢ شهر من بدء الحمية.
تراوحت الاختلافات بين الحميات المختلفة بين كونها صغيرة إلى كونها زهيد جداً وغالباً ما تكون مبنية على أدلة ذات موثوقية منخفضة.
فإذا رغبت أن تنقص وزنك، فعليك أن تقوم بنوعٍ ما من “الحمية” بغض النظر عن نوعها “صيام متقطّع”، “منخفضة الشحوم” أو “منخفضة السكريات”، لذلك اختر الحمية التي تبدو لك كشخص أقل تقييداً! فما يبدو صعباً لك، قد يكون سهلاً جداً على غيرك.
Almond Blossom - شجرة اللوز المُزهِرة

تحمل هذه اللوحة الكثير من التفاصيل الجميلة ليس برسمها وحسب، بل بمعناها أيضاً! ولعلّك بالطبع شاهدتها من قبل، لكن لنتحدّث عنها قليلاً بعيداً عن الحمية والتمرين!
كانت هذه اللوحة هدية من فينسنت إلى ابن أخيه الذي سُمّي على اسمه. وبدء برسم هذه اللوحة عندما سمع بخبر ولادته فوراً.
وهذا ما كتبه لوالدته حينها:
كم كنت سعيدًا عندما جاءت الأخبار... كُنت أفضل كثيرًا أن يُسَمى الصبي على اسم الأب، الذي كنت أفكر فيه كثيرًا هذه الأيام، بدلاً من اسمي؛ لكن بعد أن أدركت أن الأمر قد تم الآن، بدأت على الفور في رسم صورة له، لتُعَلق في غرفة نومهم، أغصان كبيرة من أزهار اللوز الأبيض على سماء زرقاء!
يمكنك عند التدقيق في اللوحة أن ترى الطريقة التي رسم فيها السماء الزرقاء حول الأغصان بمنتهى الدقة، وإذا دقّقت أكثر فإنّك ترى كم طيفاً من أطياف اللون الأزرق قد استخدم مثل السماء الحقيقية التي نشاهدها!
رسم أغصان الأشجار من الأسفل وبشكلٍ قريب، تجد نفسك مستلقٍ تحتها على العشب الأخضر وتتمعّن في تفاصيلها لذلك لا تستطيع رؤية الشجرة كاملةً.
كتب فان كوخ:
الطقس هنا متقلب، وغالبًا ما يكون عاصفًا مع سماءٍ مضطربة، لكن أشجار اللوز بدأت تُزهر في كل مكان.
عَنت هذه اللوحة بالنسبة له بدايةً جديدة، ففي هذا الوقت كان قد خرج من عُزلته في المصح والتي دامت لأكثر من ١٠ أشهر، وبسبب المرض الذي لديه هجر الرسم لعدة أسابيع قبل أن يعود إليه مع هذه التحفة الفنية الرائعة!
فمهما كانت الظروف، يمكنك أن تجد أنت أيضاً دائماً فروع شجرة اللوز المُزهِرة!
شكراً لوقتك، لاتنسَ مشاركة هذا الموضوع أيضاً مع أصدقائك!



