مرحباً بكم مجدداً في موضوع جديد من مواضيع فَذلَكة.
للبيع: حذاء طفل، لم يرتدَ قط!
“For sale: baby shoes. Never worn.”
للبيع: حذاء طفل، لم يُرتدَ قط.
ماذا تشعر عند قراءة هذه القصة؟
مرحباً، مجد! أي قصة؟ تكاد تكون أقصر من سطر واحد حتى وأنت تقول قصة!
يعتبر هذا السطر، أقصر قصة في التاريخ، وتنسب إلى الكاتب الشهير إرنست هيمنغواي. (هناك خلاف حول هذا الموضوع)
لكن دعنا نعد إلى السؤال الرئيسي: ماذا تشعر عند قراءتها؟
لا بدّ أنّك لاحظت من أنّه وبالرغم من اختصار هذه القصة وقصرها، مشاعر مختلفة في آنٍ معاً. حزن؟ استغراب؟ رغبة في فهم المزيد؟
“لماذا يريد بيع حذاء طفل؟ هل هو بائع ويعرض بضاعته؟ لا انتظر قليلاً. يقول الإعلان أنّه لم يُرتدّ قط. بالطبع هذا ليس بائع. هل هذا الأب أو الأم. لماذا يحاولون بيع الحذاء؟ لعلّ ابنهم ارتداه وأصبح صغيراً على قدميه!؟ لا، لا، القصة واضحة. لم يرتد قط! ماذا حدث للطفل؟ هل هو على قيد الحياة؟ أم أنّ الطفل لم يولد أصلاً وقام الوالدان بشراء الحذاء أملاً ورغبة بالحصول على طفل؟”
لعلّ هذه بعض الأفكار التي خطرت على ذهنك أثناء قراءتك وتفكيرك بمشاعرك.
ليس الهدف الإجابة عن القصة، ولا الهدف هو إخبارك بنتيجتها. وإنما الهدف استثارة كل هذه الأفكار السابقة لديك لأخبرك بتعريف مهم في علم النفس ألا وهو Theory of Mind - نظرية العقل.
هي المقدرة على تفسير أو توقع أفعال شخص آخر بشكل تلقائي وإدراك أنها تختلف عن أفعال الشخص نفسه، ويمكن أن يتصور الشخص نفسه في «أماكن أشخاص آخرين» لفهم وتنبؤ بأحاسيسهم وأفعالهم. تعتبر هذه النظرية جوهرية للحياة اليومية الاجتماعية البشرية إذ أنها أساسية لفهم، وإدراك، وتحليل، واستنتاج سلوكيات وتصرفات الآخرين.
لكن، هل هذا شيء مخلوق فينا؟ أم أنّها مهارة مكتسبة؟
يكون الأطفال بعمر أصغر من ٣ سنوات أكثر تركيزاً على نفسهم وحاجاتهم. بينما يبدأ تطوّر نظرية العقل بعمر ٤ سنوات.
تستمر عملية التطور خلال فترة المدرسة الابتدائية وتتأثر بعدة عوامل بحسب الأبحاث التي وجدتها عن الموضوع سأعرض خلاصتها لك هنا:
تؤثر الأحاديث التي تدور بين الأب والأم أمام الأطفال على تطوّر هذه النظرية مستقبلاً لديهم.
يساهم وجود أخوة وأخوات في تطوير هذه المقدرة
يؤثر وجود التواصل الجيّد بين الأخوة وبين العائلة على تطوّرها
هل أنت مشترك في القائمة البريدية من فَذلَكة. اشترك مجاناً ليصلك مني كل أسبوع رسالة إلى صندوق بريدك الالكتروني تحتوي على خلاصة ما تعلمته من أمورٍ مثبتة بالدراسات ومفيدة في الحياة اليومية.
وإذا وجدت موضوع اليوم مفيد أتمنى أن تشاركه مع من قد يستفيد منه أيضاً:
لماذا هذا الموضوع مهم؟
تخيل زوجين، عمار وسارة، يخططان لقضاء أمسية هادئة معًا بعد يوم طويل من العمل. عمار متحمس لمشاهدة برنامجهما المفضل والاسترخاء، ويفترض أنّ سارة تشاركه الشعور. لكن، كان يوم سارة مرهقًا للغاية وترغب في التحدث عنه.
إذا كانت لدى عمار نظرية عقل متطورة، فقد يلاحظ إشارات خفية (مثل صمتها أو لغة جسدها المتوترة) ويدرك أن سارة ليست في مزاج يسمح لها بمشاهدة التلفاز. وبدلاً من أن يشعر بالإحباط عندما تبدو سارة غير مندمجة، قد يسألها عن شعورها ويستمع إلى ما يزعجها.
يمكن من خلال فهم الحالة العقلية والعاطفية لسارة، تقديم الدعم والطمأنينة، مما يقوي العلاقة بينهما.
تخيّل معي الآن السيناريو التالي:
يشعر عمار بالغضب، معتقدًا أن سارة غير مهتمة بقضاء الوقت معه، مما يؤدي إلى سوء الفهم أو حتى مشكلة زوجية. قد تنتهي بشجارٍ طويل.
تساعد نظرية العقل الناس على توقع وتفسير الاحتياجات العاطفية لبعضهم البعض، مما يعزز التعاطف ويحسن حل النزاعات في العلاقات.
كيف يمكنك تحسين هذه المهارة لديك أو لدى طفلك؟
بالنسبة لطفلك، يمكن زيادة هذه المقدرة بحسب الأبحاث المذكورة سابقاً عن طريقة زيادة التواصل الاجتماعي مع الأخوة والأخوات ومع أفراد العائلة.
أما بالنسبة لك، فيمكنك في المناسبات المختلفة التوقّف قليلاً ووضع نفسك في مكان الشخص الآخر وتحاول فهم الطريقة التي يفكّر فيها. قد تجد في بعض النقاشات أو الاختلافات أنّ الطرف الآخر على حق عند محاولة فهم وجهة نظره. بينما تستطيع في أحيان أخرى ومع الخبرة كشف تلاعب الآخرين وفهم نواياهم الخفيّة. ولعلّ أفضل طريقة لشحذ مهاراتك التي حصلت عليها وقت الطفولة هي المدوامة على تدريبها من خلال التواصل الاجتماعي المستمر والتعاطف (راجع موضوع: ابحث عن المشاكل لتحلها)
وأود التنبيه هنا إلى موضوع مهم، لا يعني التعاطف مع الآخرين أن تكون ضعيفاً مستكينا! وتستمر بإقناع نفسك بأنّ كلّ ما يفعله الآخرون هو أمر صحيح وأنّك أنت من تفهم الأمور بنحوٍ مغالط. وإنما يهدف تطوير هذه المهارة وتقديم التعاطف إلى اتخاذ القرار في الطريقة التي ستتعامل فيها مع شخصٍ ما بعد أن وضعت نفسك مكانه وفهمت دوافعه التي قد تكون حسنة أو - للأسف - سيئة!
إطار ذهني قد يفيدك
وجدت أثناء استماعي إلى بودكاست مع رجل الأعمال والمؤلف Alex Hormozi والذي وجدت محتواه وكتابه $100M Offers مميز حقاً في طريقة تفكيره وعرضه لنماذج التفكير التي تساعدك ليس في حياتك المهنية وإنشاء عمل خاص بك وإنما حتى في حياتك الشخصية. الإطار الذهني بسيط للغاية:
عليك تحديد ما تشعر به والبحث عن سبب ذلك الموضوع! حقاً مجد؟ لم أكن أعرف!
انتظر قليلاً، يعرض أليك الموضوع بطريقة مختلفة:
ما هو الحزن: الحزن هو وجود خيارات قليلة لدي.
كيف أستطيع حل هذا الموضوع؟ التعلّم والبحث الحثيث عن خيارات أكثر
ما هو القلق؟ القلق هو وجود خيارات كثيرة وأولويات قليلة.
ما الحل؟ وضع أولويات محدّدة والعمل على تحقيقها ومن ثم الانتقال إلى الخيارات الأخرى.
شكراً لوقتك وانتباهك إلى اللقاء في الأسبوع القادم!